التسونامي ظاهرة طبيعية مدمرة تتشكل في أعماق المحيطات

التسونامي ظاهرة طبيعية مدمرة تتشكل في أعماق المحيطات

استيقظ العالم صباح اليوم، الثلاثين من يوليو، على وقع زلزال قوي ضرب منطقة قريبة من الساحل الروسي، هذا الزلزال أعاد تسليط الأضواء على خطر التسونامي، ذلك الكارثة الطبيعية التي قد تتبع الزلازل البحرية، وتضرب الشواطئ بسرعة مدمرة.

التسونامي، الذي يعني حرفيًا باللغة اليابانية “موجة الميناء”، هو سلسلة من الموجات العملاقة التي تتشكل نتيجة اضطرابات ضخمة تحت سطح البحر، مثل الزلازل أو الانفجارات البركانية أو حتى الانزلاقات الأرضية. عادة ما تبدأ هذه الموجات غير مرئية تقريبًا في البحر، لكنها تكتسب طاقة هائلة أثناء تحركها، فسرعتها قد تتجاوز 800 كيلومتر في الساعة، وعندما تقترب من الشاطئ، يتقلص عمق المياه وتتباطأ سرعتها، ولكن ارتفاعها قد يصل إلى عشرات الأمتار، ما يجعل قوتها ساحقة عند ضرب اليابسة.

تتميز التسونامي بعدة خصائص رئيسية، أولا، طول الموجة يمكن أن يصل إلى مئات الكيلومترات في المحيط المفتوح، مما يجعلها مختلفة عن الموجات السطحية العادية، ثانيا، سرعة الموجات عالية تصل إلى 800 كيلومتر في الساعة في المياه العميقة، لكنها تبطئ عند الاقتراب من الشاطئ. بينما في المحيط المفتوح، قد لا يتجاوز ارتفاع الموجة بضعة سنتيمترات، لكنها تنمو بشكل كبير عند وصولها إلى المياه الضحلة، وقد تصبح علوها عشرات الأمتار. أخيرًا، قد تستمر موجات التسونامي لساعات، حيث تصل عدة موجات متتالية إلى الشاطئ.

تكمن خطورة التسونامي في كونه ليس مجرد موجة كبيرة تضرب الشواطئ، بل هي سلسلة من الموجات الناجمة عن اضطراب ضخم تحت الماء، وغالبًا ما يكون هذا الاضطراب هو زلزال قوي، إلا أنه قد ينجم أيضًا عن انفجار بركاني أو انزلاق أرضي. عند انتقال كميات هائلة من الماء بشكل مفاجئ، تبدأ الموجات بالتكوّن وتتحرك بسرعة هائلة في عمق المحيط، دون أن يشعر بها أحد.

في أعماق البحر، قد تمر الموجات دون أن تُلاحظ، إذ يكون ارتفاعها صغيرًا نسبيًا، لكن سرعتها مروعة، تصل إلى أكثر من 800 كيلومتر في الساعة، وهي قريبًة من سرعة الطائرات التجارية. وعندما تقترب الموجات من السواحل، تبطئ بسبب انخفاض عمق المياه، لكنها ترتفع بشكل مرعب، وفي لحظات قد تتحول إلى موجة بارتفاع عدة أمتار، تجتاح اليابسة وتدمر كل ما يعترض طريقها.

عندما تضرب موجة التسونامي الساحل، تتحول اللحظة إلى كارثة إنسانية، إذ أن المياه لا تأتي كموجة واحدة، بل تتكون من مجموعة من الموجات المتلاحقة تفصل بينها دقائق، وكل موجة تحمل قوة جرافة ضخمة، ما يؤدي إلى تدمير المباني والبنية التحتية، بالإضافة إلى سحب البشر والسيارات والأشجار إلى أعماق البحر.

على الرغم من أن التسونامي يبدأ فجأة، إلا أن هناك إشارات أولية يمكن رصدها، خاصة في المناطق القريبة من مركز الزلزال، من أبرز هذه العلامات انحسار البحر بشكل مفاجئ عن الشاطئ، في ظاهرة تعرف باسم “الارتداد”، وهذه تعتبر بمثابة العد التنازلي لقدوم موجة قاتلة بعد دقائق. لذا، فإن وعي السكان المحليين بهذه الظاهرة قد ينقذ عدداً من الأرواح.

في العقود الأخيرة، طورت بعض الدول المتقدمة أنظمة إنذار مبكر تعتمد على أجهزة استشعار في أعماق البحر، ترصد التغيرات المفاجئة في ضغط المياه ومستوى السطح، هذه الأنظمة ترسل إشارات فورية إلى محطات المراقبة، ومن ثم يتم إصدار تحذيرات عبر القنوات الرسمية ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن رغم ذلك، تبقى عنصر الوقت حاسمًا، فالدول القريبة من مركز الزلزال قد تملك دقائق قليلة فقط للهروب.